الاثنين، 28 مايو 2012

الأم التي تحدت العالم


لعبت والدة توماس أديسون الدور الأكبر في تنشئته، وأظهرت في ذلك ما تستطيع الأم أن تفعله لابنها بالصبر والإرشاد والمرافقة الودية.
وقد جرت محاولة واحدة لإرسال توماس إلى المدرسة، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل.
لم تكن مدارس الريف في ذلك الحين تعلم الأطفال غير القراءة والكتابة ومبادئ الحساب.
وكان المعلمون يستخدمون العصا لحث الطلاب على التعلم، فكان توماس يجلس في الصف ويقضي وقته في رسم الصور، والنظر في ما حوله، والاستماع إلى كل ما يقوله الآخرون. وكان يلقي أسئلة (غير معقولة).
ولكنه كان بالمقابل يرفض الإجابة عن السؤال تحت طائلة العقاب، لذا كان أولاد صفه يدعونه بـ (المغفل).
وكان ترتيبه في صفه الأخير، وذات يوم زار المفتش الصف فشكا الأستاذ إليه حالة أديسون قائلا: (إنه فتى فاسد، وليس مؤهلا للاستمرار في المدرسة بعد الآن).
وعلم توماس أن كلمة (فاسد) تستعمل عادة لوصف البيض غير الصالح.
فلا بد أن يكون الأستاذ قد قصد أن عقله مشوش على الدوام، فاستاء لذلك أشد الاستياء.


وعندما عاد إلى البيت أخبر أمه عما حصل وأضاف: (لن أضع قدمي أبدا في المدرسة بعد اليوم).
تألمت الأم من الطريقة التي عومل بها ابنها، فأمسكت بيده وذهبت معه لمواجهة الأستاذ فوبخته أشد التوبيخ، وقررت أنها ستعلمه وتثقفه بنفسها في البيت.
وعاد الطفل وأمه إلى البيت، وبدأت بالفعل مرحلة تعليم توماس أديسون.
فدرسته تاريخ اليونان والرومان وقاموس (بورتون) للعلوم، وحين بلغ الحادية عشرة كان يدرس كتب العالم البريطاني نيوتن، والتاريخ الأمريكي، وروايات شكسبير وغيره من أشهر الشعراء والمؤرخين والعلماء.
ووجد أصدقاؤه أنه يستطيع أن يقص عليهم كثيرا من القصص الحقيقية المفيدة، وأنه لا يعرف أسماء أعظم المخترعين في العالم فحسب، بل إنه يصف اختراعاتهم وكثيرا من تجاربهم العلمية أيضا.
وقد عنيت نانسي أديسون بتقويم خلق ابنها كما عنيت بتدريب عقله، فجعلته يحرص على مستوى عال في السلوك، وعلمته – عن طريق القدوة من جهة، وعن طريق النصيحة والإرشاد المباشر من جهة ثانية – قيم الشرف والأمانة والصدق والمثابرة، كما زرعت في نفسه حب بلاده وحب الإنسانية.
وكان أبوه فخورا بتقدم ولده، حتى أنه أخذ يمنحه مبلغا صغيرا من المال مقابل كل كتاب يطالعه ويحسن فهمه.
*فيا لها من أم آمنت بقدرات ولدها ولم تخذله رغم نعت الآخرين له بالتخلف.